- 19 -
الإمام ناصر محمد اليماني
07 - 02 - 1430 هـ
03 - 02 - 2009 مـ
02:57 صباحاً
ــــــــــــــــــــــ
{ سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا }..
بسم الله عليه توكلت وعلى الله فليتوكل المؤمنون، وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين، وبعد..
ويا علم الجهاد، ما خطبك لا تفقه الحديث يا رجل؟ ولولا الله لما اهتدينا ولا صدقنا ولا صلينا ولن يغني عنا الاختيار والإنابة ما لم يأخذ الله بأيدينا فيهدي قلوبنا على صراطٍ مُستقيم.
ويا علم الجهاد حقيق لا أقول على الله غير الحقّ وحاشا لله أن يظلم أحداً وقد علمناك أنّ الهدى بيد الله وحده لا شريك له يهدي إليه من يُنيب، وأما الذي لا ينيب لربّه فلا يهدي قلبه. واتقِ الله يا رجل ولا تغالط في الحقّ البيِّن! أم إنّك لا تريد الناس أن ينيبوا إلى ربهم ليهدي قلوبهم؟ ومثل قولك كمثل قول الذين قالوا: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:148].
فهؤلاء يقولون لو كان هذا حقاً من عند الله لهدانا الله إليه ولما أشركنا نحن وآباؤنا كما تقولون لنا يا معشر الأنبياء ولا حرمنا من شيء، فانظر لرد الله عليهم: {كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:148].
ويا علم الجهاد، لماذا بعث الله المُرسلين؟ إلا لإقامة الحجّة! فهدى الله الذين أنابوا وترك الذين لا يريدون الهدى في طغيانهم يعمهون، أم إنّك من القدريّين؟ يزني الرجل ويقول لو شاء الله ما زنيت وما زنيت إلا بمشيئة الله! فاتقِ الله، إنّ الله لا يأمر بالسوء والفحشاء، ويهدي إليه من يُنيب. وقد أقام الله على الناس الحجّة ببعث المُرسلين إليهم من ربهم ليهدي الله من يشاء الهدى من عباده إلى صراطٍ مُستقيم ويذر المُستكبرين عن الحقّ من ربهم في طغيانهم يعهمون وقال الله تعالى : {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُوًا} صدق الله العظيم [الكهف:56].
ويقول تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} صدق الله العظيم [الأنعام:48].
ويقول تعالى: {رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حجّة بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} صدق الله العظيم [النساء:165].
ويقول تعالى : {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} صدق الله العظيم [البقرة:213].
وقال الله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴿8﴾ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ ﴿9﴾ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)} صدق الله العظيم [البلد].
ويا علم الجهاد، فهل إذا كفر الإنسان تقول إنّ الله أراد له الكفر حسب فتواك أنّها مشيئة الله؟ وقال الله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} صدق الله العظيم [الزمر:7].
ويا علم الجهاد، إنك لم تفهم فتواي في شأن الهدى، وسبق وأن أفتيت إنّ المؤمن لا يستطيع أن يهدي قلبه شيئاً، فما هو الحل لكافة عباد الله؟ إنها الإنابة، وجعل الله تلك فتوى شاملة لكافة عباد الله في الملكوت كُلّه من كلّ جنسٍ، وإن لم يفعلوا فحتماً سوف يقولوا يوم القيامة لو أنّ الله هدانا لكنا من المُتقين، فما هي حجّة الله على عبده الذي لم يهدِ قلبه؟ هي عدم الإنابة.
ولي منك طلب يا علم الجهاد أنْ تبيّن لناصر محمد اليماني وأنصاره هذه الآية وتفصلها تفصيلاً لننظر تأويلك لها برغم وضوحها لأنّها من المُحكمات البيناتِ، ولكننا نريد من علم الجهاد بياناً لما جاء فيها من علم الهدى. وقال الله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (55) أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّـهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57)} صدق الله العظيم [الزمر].
فقد تبيّن لنا إنّ الهدى هدى الله، ولذلك قال الذي لم يهتدِ: {لَوْ أَنَّ اللَّـهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}، إذاً ما هي حجّة الله على عبده الذي لم يهدِه؟ ولن آتيك بالجواب من رأسي من ذات نفسي بالظن الذي لا يغني من الحقّ شيئاً؛ بل أقول إنّ حجّة الله على عبده الذي لم يهدِه هي عدم الإنابة. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (54)} صدق الله العظيم [الزمر].
ويا علم الجهاد لا يجوز لك! الذي نبدأ به نعيده وأنت تعرض عنه وتحاجِج بسواه؛ بل اْتني ببيانٍ هو أحسن من بياني لهذه الآيات، أما إعراضك عنها وكأنك لم تسمعها فهذا لا يجوز لك إن كنت من الصادقين. وسلامٌ على المُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين، وأرجو من الله أن يهديك إلى الصراط المُستقيم.
المهديّ المنتظَر ناصر محمد اليماني.
ــــــــــــــــــــــ