ولربّما يودّ أحد المجاهدين في سبيل الله أن يقاطعني فيقول:
فهل تأمرنا أن لا نُقاتل الكافرين حتى لا يقتلونا؟
ومن ثُمّ يردُّ عليه الإمام المهديّ وأقول:
بل قاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم فليجدوا فيكم بأساً شديداً وقلوباً من حديدٍ ولينصرن الله من ينصره أن الله لقويٌ عزيز، ولا تعتدوا على من لم يُقاتلكم من الكافرين، وإنما لا تتمنوا الشهادة من أجل الفوز بالجنة وحورها وقصورها إلّا من كان يرى أنه سوف يرضى بها، فمن كان يرى أنه سوف يرضى بها فإنه لم يعلم بحقيقة النّعيم الأعظم منها وهو أن يكون الله راضياً في نفسه. أرأيتم يا أحباب الله يا من يُحبّهم الله ويُحبّونه أرأيتم لو أن أحدكم يُقتل في سبيل الله فيُدخله جنّته فيفرح بقصورها وحورها ومن ثُمّ استمع إلى قول خفي في نفس الله فسمعه من وراء الحجاب يقول:
{يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كلّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾}
صدق الله العظيم [يس]
ومن ثُمّ يُخاطب ربّه فيقول: لمَ خلقتني يا إلهي؟
ومن ثُمّ يردُّ عليه ربّ العالمين من وراء حجابه فيقول:
{وَمَا خَلَقْتُ الجنّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿٥٦﴾}
صدق الله العظيم [الذاريات]
فباللهِ عليكم يا أحباب الله, فهل ترضون بنعيم الجنّة وحورها وحبيبكم الرحمن حزين ومُتحسّر على عبادة الذين ظلموا أنفسهم؟ بل تمنوا من الله أن يحقق لكم النّعيم الأعظم من الجنّة وهو أن يكون حبيبكم الرحمن راضياً في نفسه وليس مُتحسراً على عباده الذين ضل سعيهم في الحياة الدُنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صُنعاً، ولا ولن يكون الله راضياً في نفسه حتى يجعل النّاس أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ. فمن كان هذا هدفه الذي يعيش من أجله فسوف يهدي الله عباده رحمةً بعبده الذي يعبد رضوان ربّه في نفسه مُتخذه غايته وليس وسيلة لتحقيق الجنّة فحقاً على الله أن يهدي به النّاس فيجعلهم أمّة واحدة على صراطٍ مستقيم، فذلك هو الإمام المهديّ الحقّ من ربكم الذي رحمهُ الله فأنهى اختلاف الأُمة فجعلهم أمّة واحدة على صراطٍ مستقيمٍ ولا يزالوا مًختلفين في عصر بعث كافة الأنبياء والمرسلين فريقاً هدى الله وفريقاً حقّ عليه الضلالة إلّا في عصر بعث الإمام المهديّ الذي رحمهُ الله فهدى من أجله النّاس أجمعين فحقّق الهدف من خلقهم تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَلَوْ شَاءَ ربّك لَجَعَلَ النّاس على صراطٍ مستقيمٍ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴿١١٨﴾ إِلَّا مَن رَّحِمَ ربّك وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ}
صدق الله العظيم [هود]
فأما قول الله تعالى:
{وَلَوْ شَاءَ ربّك لَجَعَلَ النّاس أُمَّةً وَاحِدَةً}
صدق الله العظيم
فتجدوا بيان ذلك في قول الله تعالى:
{وَلَوْ شَاءَ ربّك لَآمَنَ مَن فِي الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعًا}
صدق الله العظيم [يونس]
وأما قول الله تعالى:
{وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}
صدق الله العظيم
فتجدوا بيان ذلك في قول الله تعالى:
{فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حقّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ}
صدق الله العظيم [الأعراف:30]
وأما قول الله تعالى:
{إِلَّا مَن رَّحِمَ ربّك وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ}
صدق الله العظيم
فذلك هو الإمام المهديّ الذي رحمه الله فهدى من أجلهِ النّاس فجعلهم بإذن الله أمّة واحدة على صراطٍ مستقيمٍ فيُذهب الحسرة من نفس ربّه على عباده فيتحقق النّعيم الأعظم فيكون الله راضياً في نفسه فيتحقق الهدف من خلقهم، وكيف يكون الله راضياً في نفسه حتى يدخل عباده في رحمته فيجعلهم أمّة واحدة على صراطٍ مُستقيم.
الامام ناصر محمد اليماني
المهدي المنتظر
https://albushra-islamia.org./showthread.php?t=14250